للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد جاء في ذلك - أيضاً - أحاديث كثيرة، ذكرها المنذري (١) ومن ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم مر بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير؛ ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة .. الحديث» (٢).

وقد أفاد هذا الحديث أن ترك التنزه من البول من كبائر الذنوب، وقد جاء في رواية للبخاري: «وما يعذبان في كبيرة، وإنه لكبير» (٣)، وقد بوب عليه البخاري في كتاب «الوضوء» بقوله: (بابٌ من الكبائر أن لا يستتر من بوله) (٤)، وذلك لأن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة، وتركها كبيرة بلا شك، وقد ذكر الذهبي في كتابه «الكبائر»: عدم التنزه من البول (٥)، ومن بعده ابن حجر الهيثمي في كتابه «الزواجر» (٦)، قال الخطابي (معناه: أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه وهو التنزه من البول وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين وأن الذنب فيهما هين سهل) (٧)، وقال المنذري: (ولخوف توهم مثل هذا استدرك، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «بلى إنه كبير») (٨) والله أعلم.

وهذا في بول بني ادم، وما شابهه من الأبوال النجسة، وأما من عممه في سائر الأبوال - كالخطابي (٩) ـ فهو مردود، لقوله في رواية: (وكان لا يستتر من بوله) فتكون الألف واللام في قوله: (من البول) بدلاً من الضمير، أما بول المأكول كالإبل والغنم فهو طاهر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أباح للعرنيين شرب أبوال الإبل (١٠)، ولم يأمرهم بغسل أوانيهم ولا ما أصابهم منها، فدل على طهارتها.


(١) "الترغيب والترهيب" (١/ ١٣٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٦)، ومسلم (٢٩٢).
(٣) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٤٧٢).
(٤) انظر: "فتح الباري" (١/ ٣١٧).
(٥) ص (١٠٤) "الكبيرة الحادية والثلاثون".
(٦) "الزواجر" (١/ ١٢٠).
(٧) "معالم السنن" (١/ ٢٧).
(٨) "الترغيب والترهيب" (١/ ١٣٩).
(٩) "معالم السنن" (١/ ٢٧).
(١٠) أخرجه البخاري (٢٣٣)، ومسلم (١٦٧١) (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>