للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عشرين وجهًا (١).

وذهبت طائفة من أهل العلم، ومنهم الإمام مالك (٢) إلى أن ركوب الخيل أفضل من الرمي، لأن الركوب أصل الفروسية وقاعدتها، ولأن الركوب يعلم الفارس والفرس معًا.

وذكر ابن القيم أوجهًا أخرى، ثم قال: (وفصل النزاع بين الطائفتين أن كل واحد منهما يحتاج في كماله إلى الآخر، والرمي أنفع في البعد، فإذا اختلط الفريقان بطل الرمي حينئذٍ وقامت سيوف الفروسية من الضرب والطعن والكرِّ والفرِّ، وأما إذا تواجه الخصمان من البعد، فالرمي أنفع وأنجع، ولا تتم الفروسية إلا بمجموع الأمرين، والأفضل منهما ما كان أنكى في العدو، وأنفع للجيش، وهذا يختلف باختلاف الجيش ومقتضى الحال) (٣).

والذي يظهر من الحديث تفضيل الرمي مطلقًا، فإنه نص مؤكد بـ (ألا) و (إنّ) واسمية الجملة، وقد قال ابن كثير: (وقول الجمهور أقوى للحديث) (٤)، وقد دلَّ واقع الحروب في هذه الأزمنة على هذا الحديث دلالة واضحة، فإن مجالات الرمي الجوية والبحرية والبرية وما تحققه من نتائج لا تقارن بالغزو البري، ولهذا إذا فشلت الوسائل البرية يُلجأ إلى الرمي بواسطة المقاتلات الجوية. والله تعالى أعلم.


(١) "الفروسية" ص (١٧ - ٢٥).
(٢) "التمهيد" (١٤/ ٨٤).
(٣) "الفروسية" ص (٢٥).
(٤) "تفسير ابن كثير" (٤/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>