للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزمانية لا أثر لها في الحكم، ومن المعلوم أن تسرب الفساد إلى اللحم يختلف باختلاف برودة الجو وحرارته.

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن المسلم ينهى عن أكل ما تعفن من الطعام وتغيرت رائحته، وقد حمل جماعة من أهل العلم ومنهم القاضي عياض، والنووي (١) النهي على التنزيه وأنه يكره أكل ما تعفن؛ لأنه إذا أنتن لحق بالمستقذرات التي تمجها الطباع، إلا أن يخاف منه الضرر فيحرم، وقد ثبت في حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل إِهَالةً سَنِخَةً، والسنخة بفتح السين المشددة وكسر النون: هي المتغيرة، وهذا محمول على أنها لم تستقذر ولا تضر (٢).

والقول الثاني: أنه يحرم أكل المنتن من اللحم وغيره مطلقًا، وعزاه النووي لبعض الشافعية، وقال: إنه قول ضعيف (٣)، وهو قول المالكية، ورجحه الحافظ (٤)، وتبعه الشوكاني (٥).

• الوجه الرابع: الحديث دليل على عناية الإسلام بصحة الإنسان وحفظها مما قد يؤثر عليها؛ لقوله: (ما لم ينتن) لأن أكل ما أنتن قد يضر ببدن الإنسان، وهذا دليل من أدلة كثيرة جاءت بالأمر بالأكل من الطيبات، وحرمت الأكل من الخبائث وما فيه مضرة. والله تعالى أعلم.


(١) "إكمال المعلم" (٦/ ٣٦٣)، "شرح النووي" (١٣/ ٨٧).
(٢) رواه "البحاري" (٢٠٦٩)، والإهالة: بالكسر الودك المذاب. انظر: "فتح الباري".
(٣) "شرح النووي" (١٣/ ٨٧).
(٤) "فتح الباري" (٩/ ٦١٩).
(٥) "نيل الأوطار" (١٥/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>