وكره الفقهاء أن يُحِدَّ السكين والبهيمة تنظر إليه، لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحدِّ الشِّفَار وأن توارى عن البهائم، وقال:"إذا ذبح أحدكم فليُجهز"(١)؛ ولأن حَدَّ السكين وهي تبصر يؤدي إلى إزعاجها، وهو ينافي الإحسان المطلوب، ولا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها لما ذكرنا.
• الوجه السادس: استدل بهذا الحديث أبو حنيفة وأحمد في رواية عنه على أن عقوبة القصاص لا تكون إلا بالسيف سواء وقعت الجناية به أو بغيره، وأجيب عنه بأنه مُخَصَّصٌ بآية:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيكُمْ}[البقرة: ١٩٤] فتبقى دلالة الحديث في غير الاعتداء، وأما في الاعتداء فيكون القود بمثل ما قَتَلَ به، وقد تقدم بحث هذه المسألة في "الجنايات". والله تعالى أعلم.
(١) رواه ابن ماجه (٣١٧٢) من طريق مروان بن محمد، عن ابن لهيعة، عن قرة بن عبد الرحمن، وأحمد (١٠/ ١٠٥) من طريق قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن عقيل، كلاهما عن الزهري، عن سالم، عن أبيه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، به. وقتيبة بن سعيد قوي في ابن لهيعة كما في "سير أعلام النبلاء" (٨/ ١٧) لكن صوب الحفاظ إرساله، انظر: "العلل" لابن أبي حاتم (١٦١٧)، "العلل" للدارقطني (١٣/ ١٤٨)، "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (٢/ ٢٠٨)، "نصب الراية" (٤/ ١٨٨).