للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الحديث علة أخرى وهي أن شيخ محمد بن سنان، وهو معقل بن عبيد الله الجزري قد أخطأ في رفع هذا الحديث، وقد قال عنه الحافظ في "التقريب": (صدوق يخطئ).

ومما يدل علي خطئه مخالفة سفيان بن عيينة له، فقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤/ ٤٨١) عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء قال: حدثنا عَينٌ -يعني عكرمة- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (إن في المسلم اسم الله، فإن ذبح ونسي اسم الله فليأكل، وإن ذبح المجوسي وذكر اسم الله فلا تأكله)، قال البيهقي: (الأصح وقفه على ابن عباس) (١)، وقال ابن عبد الهادي: (والصحيح أن هذا الحديث موقوف علي ابن عباس) (٢)، وقد صححه الحافظ هنا، وكذا في "فتح الباري" (٣)، وقال في "الدراية": (صوب الحفاظ وقفه" (٤).

وأما الحديث الثاني فقد رواه أبو داود في "المراسيل" (٣٦٩)، - ومن طريقه البيهقي (٩/ ٤٠) - عن ثور بن يزيد، عن الصلت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله أو لم يذكر، إنه إن ذكر لم يذكر إلا اسم الله".

وهذا سند مرسل، ومع إرساله فمرسله لين الحديث، بل قال ابن حزم: (مجهول) وقال الحافظ في "التقريب": (تابعي، لين الحديث، أرسل حديثًا).

* الوجه الثاني: تقدم أن هذه الأحاديث استدل بها من قال: إن التسمية عند الذبح غير واجبة، وأن الذبيحة تحل إذا لم يسمِّ ولا سيما إذا كان ناسيًا، وقد علل لذلك بأن المسلم يكفيه اسمه، ومعناه أنه في حكم المسمي، لما كان اسمه مشتملًا على اسم الله تعالى.

والتحقيق أن هذه الأحاديث لا حجة فيها علي جواز ترك التسمية ولا إباحة ذبيحة من تركها ناسيًا؛ لأن الأحاديث الصحيحة المتقدمة مع ظاهر القرآن تدل على وجوبها مطلقًا، كما تقدم، أما هذه الأحاديث الثلاثة فالمرفوع ضعيف، والموقوف لا حجة فيه مع مخالفة السنة، والمرسل ضعيف، وما كان هذا شأنه فإنه لا يقف في مقابلة الأدلة الدالة علي الوجوب. والله تعالى أعلم.


(١) "السنن الكبرى" (٩/ ٢٣٩).
(٢) "التنقيح" (٤/ ٦٣٧).
(٣) (٩/ ٦٢٤).
(٤) (٢/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>