للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (في جِزارتها) بكسر الجيم اسم للفعل الذي هو عمل الجزار، وقيل: إنه بالضم، ومعناه: ما يأخذه الجزار من الذبيحة عن أجرته (١).

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على مشروعية الهدي؛ لأن هذه البدن كانت هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وكان مائة بدنة، قال النووي: (يستحب لمن قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي إليها شيئًا من الغنم، وهي سنة أعرض عنها أكثر الناس أو كلهم في هذا الزمان) (٢).

* الوجه الرابع: مشروعية التصدق بلحم الهدي وجلده وجلاله إلا ما يسن أكله من لحمه؛ لأن الجلود تجري مجري اللحم في التصدق.

* الوجه الخامس: جواز التوكيل في قسم لحم الهدي والتصدق به.

* الوجه الساس: جواز الإجارة على ذبح الهدي وتكون الأجرة من غيره، فلا يجوز إعطاء الجزار منها شيئًا؛ لأن عطيته عوض عن عمله، فيكون في معنى بيع جزء منها، وقد جاء في بعض الروايات في الصحيح: (نحن نعطيه من عندنا) مؤكدًا هذا الحكم، وعلي هذا فلا يجوز بيع شيء من الهدي، والأضحيةُ كالهدي، فلا يُعطي الجزار أجرته منها، لما تقدم.

لكن إن دفع إلى جازرها شيئًا لفقره، أو على سبيل الهدية فلا بأس؛ لأنه مستحق للأخذ فهو كغيره بل هو أولي؛ لأنه باشرها وتاقت نفسه إليها، وإن أعطاه أجرته كاملة أولًا، ثم أعطاه منها فهو أولي؛ لئلا تقع مسامحة في الأجر؛ لأجل ما يأخذه، فيكون من باب المعاوضة.

* الوجه السابع: الأضحية مقيسة على الهدي، فلا يجوز بيع شيء من الأضحية لا لحمها ولا شحمها ولا جلدها؛ لأنها مال أُخْرِج لله تعالي فلم يجز الرجوع فيه، وحكى ابن المنذر عن أحمد وإسحاق جواز بيع الجلد والتصدق بثمنه، قال ابن رجب: (لو أبدل جلود الأضاحي بما يُنتفع به في


(١) "فتح الباري" (٣/ ٥٥٦).
(٢) "المجموع" (٨/ ٣٥٦)، "الإيضاح" ص (٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>