للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك، فقالت: اجلسي فكلي ما صنعت، وصلي في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة" (١).

* الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (يوم الفتح) أي: فتح مكة، ودل على هذا قوله: (صَلِّ ها هنا).

قوله: (أن أصلي) ورد عند أبي داود: (أن أصلي ركعتين).

قوله: (في بيت المقدس) بفتح الميم وتخفيف الدال وكسرها، بمعنى البيت المطهر، والظاهر أن المراد: أن يصلي في المسجد الأقصى؛ لأن بيت المقدس اسم للمدينة، ويطلق على المسجد أيضًا.

قوله: (صل ها هنا) أمر إباحة، والمراد باسم الإشارة المسجد الحرام؛ لأن هذا كان يوم الفتح، كما مر.

قوله: (شأنك) بالنصب مفعول به لفعل مقدر؛ أي: الزم شأنك؛ والمعنى: أنت تعلم حالك (٢).

قوله: (إذًا) بالتنوين جواب وجزاء؛ أي: إذا أبيت أن تصلي ها هنا فافعل ما نذرت به من صلاتك في بيت المقدس.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على صحة النذر المعلق على حصول مطلوب، وأنه ينعقد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر هذا الرجل على الوفاء بما نذر، ويلزم الناذر الوفاء به إذا حصل شرطه المعلق عليه، سواء أكان عبادة بدنية كالصلاة والصيام أم مالية كالصدقة والعتق، وهذا يسمى نذر المجازاة، وهو التزام طاعة الله تعالى في مقابل حصول نعمة أو دفع نقمة، وهو نوع من أنواع نذر الطاعة والتبرر.

* الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من نذر الصلاة في مكان مفضول جاز له أن يصلي في مكان أفضل منه؛ لأن المسجد الحرام أفضل من


(١) رواه مسلم (١٣٩٦).
(٢) انظر: "عون المعبود" (٩/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>