للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦]، وقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩].

وأما السُّنة فحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ فله أجر، متفق عليه. وسيأتي شرحه إن شاء الله.

وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على مشروعية نصب القضاء والحكم بين الناس.

وأما العقل، فهو أن القضاء من ضرورات الاجتماع، به ينتشر العدل، ويعم الأمن، ويُدفع القوي عن الضعيف، ويُنصف المظلوم من الظالم، ولولا القضاء لعمَّت الفوضى، واختل الأمن، وفسد النظام، وساد الاضطراب.

وهو فرض كفاية، وهذا موضع اتفاق بين الفقهاء، يرتفع الإثم عن الأمة بقيام بعضهم به، وإلا أثموا جميعًا؛ لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه، فكان واجبًا عليهم، كالجهاد والإمامة، قال أحمد: (لا بدَّ للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟) (١). والقضاء تعتريه الأحكام الشرعية الخمسة (٢).

وعلى إمام المسلمين القائم بأمرهم أن ينصب قاضيًا يكتفى به، بأن يكون أفضل الموجودين علمًا وورعًا؛ لأن منصب القضاء من أكمل المناصب، فينبغي أن يكون متوليه أكمل من يوجد؛ ولأن الأفضل أقرب إلى حصول المقصود من القضاء، وعلى من تعين عليه القضاء لكونه يصلح، أو لم يوجد غيره أن يجيب إن طُلب للقضاء؛ لأن فرض الكفاية يكون فرض عين إذا لم يوجد من يقوم به غير واحد، كغسل الميت، وتكفينه، والإمامة، والأذان، وإسعاف المريض، ونحو ذلك من فروض الكفايات. والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (١٤/ ٥ - ٦).
(٢) انظر: "القضاء وشروط القاضي" ص (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>