"البلوغ": (نؤاخذكم) والمثبت هو الموافق لما في "الصحيح"؛ والمعنى: أننا نعمل بالظاهر، وأما الباطن فهو لله تعالى المطلع على النيات، فمن أظهر لنا خيرًا وإيمانًا وعدالة (أمِنَّاه) أي: صيرناه عندنا أمينًا وقربناه، ومن أظهر لنا سوءًا أو شرًّا، عاملناه بما أظهر، فأبغضناه وحاسبناه، ولو قال: إن نيته حسنة؛ لأننا لا نحكم إلا بالظاهر، والله يتولى السرائر.
• الوجه الثالث: استدل العلماء بكلام عمر - رضي الله عنه - على أن الواجب أخذ الناس بما ظهر من أعمالهم وتصرفاتهم، وأما البواطن والنيات فهي إلى الله تعالى.
فمن أظهر الخير والاستقامة قبلت شهادته وأُمِنَ على ما هو عليه من أمور المسلمين كولاية وقف أو يتيم ونحو ذلك، ومن أظهر غير ذلك من المعاصي والخيانات ونحو ذلك مما يدل على ضعف إيمانه وقلة أمانته، فإنه لا يؤمن ولا يوثق بشهادته.
وهذا يدل على قبول شهادة من ظهر منه الخير والاستقامة نظرًا إلى ظاهر حاله، وأنه يكفي في التعديل ما يظهر من حال المعدَّل من الصلاح من غير كشف عن حقيقة سريرته؛ لأن هذا متعذر إلا بالوحي، وقد انقطع (١). والله تعالى أعلم.