للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (نُتجت عندي) بضم النون مبني لما لم يسم فاعله، ومعناه: تولَّدت عندي، وأصل هذا الفعل من الأفعال الملازمة للبناء للمجهول.

وعند البيهقي (فأقام كل واحد منهما البينة أنَّها دابته نَتَجَها) ونتَجَتِ الناقة: وضعت عندك.

قوله: (وأقاما بينة) هكذا في نسخ "البلوغ" بألف الاثنين، وفي "السنن": "وأقام بينة" بدون ألف، وكذا في "سنن البيهقي"، ومعناها: وأقام كل واحد منهما بينة، لِتُوافِقَ الروايات، وعند البيهقي في رواية أخرى: (فأقام كل واحد منهما البينة).

• الوجه الثالث: استدل الفقهاء بهذا الحديث على أنَّه إذا تداعى اثنان عينًا كدابة، وكانت العين بيد واحد منهما، وأقام كل واحد منهما بينة على أن العين له، فإن العين تكون لمن هي في يده، وهو المسمى عند الفقهاء بالداخل؛ لأنهما استويا في الدعوى وفي البينة، وللذي هي في يده سبب تقوَّى به على خصمه، حيث إن العين بيده، وهذا مذهب الجمهور، ومنهم المالكية والشَّافعية (١).

والقول الثاني: أن العين تكون للخارج منهما -وهو من لم تكن العين بيده- فيقضى له بها ببينة؛ لأنه مُدَّعٍ أحضر بينة، والبينة قد شرعت في حقه، وتلغى بينة الداخل، عملًا بحديث: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه"، فإنه يدل على أن بينة المدعى عليه لا تسمع بحال، وإنما عليه اليمين عند الحاجة إليها؛ ولأن الغالب أن بينة المدعى عليه تعتمد على يده ومشاهدة العين عنده، بخلاف بينة المدعي فإنها أقدمت على الإخبار بشيء خلاف الظاهر، فأُخِذَ بها إذا كانت عادلة. ومن المعلوم أن كلًّا منهما مدع، لكن يقال: إن الآخر مُدَّعٍ عليه؛ لأن العين في يده.

وهذا مذهب الإِمام أحمد، وهو المشهور عنه، وهو من المفردات، وهو


(١) "مغني المحتاج" (٤/ ٤٨٠)، "الفواكه الدواني" (٢/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>