للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ببدل أو بغير بدل، على حسب المصلحة التي يراها الإِمام، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤].

وقد جعل الإسلام العتق من أفضل القُرب، واعتبره أول مرتبة في كفارة القتل، والظهار، والجماع في نهار رمضان، وفرض نصيبًا من الزكاة لعتق الرقاب.

ثم جاء بقواعد معاملة الرقيق، وهي تجمع بين العدالة والرحمة، من ضمان الغذاء والكساء لهم، مثل أوليائهم، وعدم تكليفهم ما لا يستطيعون، وحفظ كرامتهم واعتبار إنسانيتهم، حتَّى أن مَن لطَم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه، وتقدم شيء من ذلك في "النفقات".

وبعد هذا الموقف العادل، والمعاملة الرحيمة، يأتي أعداء الإسلام من المستشرقين، أو الماديين الملحدين ليصفوه بأنه يُقِرُّ الرق، ويبارك مُلَّاك الرقيق، ورَوَّجوا باطلهم القائم على تصيُّد الشبهات الواهية، وتلفيق الأكاذيب، والافتراء على الله تعالى وعلى شريعته وأحكام دينه، مع أن تاريخهم يشهد أنهم هم الذين أنشأوا الرق، بل لم يكفهم استرقاق الأفراد، فعمدوا إلى استرقاق الأمم والشعوب، كما فعلت أوروبا المعاصرة عندما اتصلت بأفريقيا، وسامتها سوء العذاب.

ثم إن الرق في اليهودية والنصرانية مقرر ثابت، عن طريق التسلط والقهر، ولم يرد في الإسلام نص واحد يأمر بالاسترقاق، على حين وردت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تدعو إلى العتق والتحرير.

وإذا كان الأمر كذلك فإن مثل هؤلاء لا يريدون معرفة الحق، والوصول إلى غاية سامية، بل غرضهم التشكيك وزرع الشُّبه؛ لأنه يسوؤهم انتشار الإسلام وامتداد نوره، فبسطوا ألسنتهم بالسوء، وسخَّروا أقلامهم للطعن في هذا الدين، والافتراء على تعاليمه، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>