للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متقنة، وقد ذكر الحافظ أنَّها رواية الكُشْمِيهني والنسفي، ونقل عن ابن قُرقُول (١) - صاحب "المطالع" - أن معناهما متقارب، ورواية مسلم: "أكثرها ثمنًا" وهي تبين المراد، كما يقول الحافظ.

قوله: (وأنفسها عند أهلها) أفعل تفضيل من النفاسة، يقال: نَفُس الشيء -بضم الفاء- نفاسة: كَرُمَ، فهو نفيس؛ والمعنى: أكرمها وأكثرها رغبة عند أهلها.

قوله: (ضائعًا) بالضاد المعجمة، هكذا في "الصحيحين"، وهو لفظ جميع رواة البخاري كما جزم به عياض وغيره، وقال النووي: الأكثر في الرواية بالمعجمة (٢)، وصوب الدَّارَقُطني، والقرطبي (٣) (صانعًا) بالصاد المهملة والنون، وهو الموجود في طبعة الناصر، وعلل ذلك الدَّارَقُطني بوجود المقابلة بالأخرق، وهو الذي ليس بصانع، ولا يحسن العمل، وقد فسرت رواية: (ضائعًا) -بالضاد المعجمة- بأن المراد: ذو الضياع من فقر أو عيال، فيرجع إلى الأول (٤). وقد اقتصر ابن بطَّال على هذا المعنى، فقال: (قوله: "تعين ضائعًا" أي: تعين فقيرًا) (٥).

• الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الإيمان عمل، وأنه أفضل الأعمال، بل هو أصلها الذي تقوم عليه، ولا إشكال في تقديم الإيمان بالله ورسوله على غيره؛ لأنه أفضل ما افترض الله على عباده مطلقًا.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن الجهاد أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله تعالى، وعن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور" (٦).


(١) انظر ترجمته: في "وفيات الأعيان" (١/ ٦٢)، "الرسالة المستطرفة" ص (١٥٧).
(٢) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٢/ ٤٣٤).
(٣) "المفهم" (١/ ٢٧٧).
(٤) "فتح الباري" (٥/ ١٤٩).
(٥) "شرح ابن بطَّال" (٧/ ٣٥).
(٦) رواه البخاري (٢٦)، ومسلم (٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>