للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيكَ} [لقمان: ١٤]، وسيأتي لهذا مزيد في كتاب "الجامع" إن شاء الله.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن أفضل بر بالوالدين أو أحدهما هو أن يجد الإنسان أباه أو أمه رقيقًا مملوكًا فيشتريه ويعتقه؛ لأنه أخرجهما من أحكام العتق إلى حرية بني آدم.

• الوجه الخامس: ظاهر الحديث أن الوالد الرقيق لا يعتق على ولده بمجرد شرائه وملكه له، بل لا بدَّ من إعتاقه بعد الشراء؛ لقوله: (فيعتقه)، وهذا مذهب الظاهرية، وعليه فلا يلزم العتق بالشراء بل إن أراد أن يعتقه فحسن.

وذهب الجمهور من العلماء إلى أنَّه يعتق بمجرد الشراء (١)، واستدلوا بأن الله تعالى أوجب علينا الإحسان إلى الأَبوين -كما تقدم- وليس من الإحسان أن يبقى والده رقيقًا في ملكه، فإذن يجب عتقه، إما لأجل الملك عملًا بالحديث، أو لأجل الاحسان عملًا بالآية (٢).

وأما لفظة: (فيعتقه) فإن الولد لما كان سببًا في عتق أبيه بشرائه إياه نسب الشرع العتق إليه نسبة الإيقاع منه، ويؤيد هذا حديث سمرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - الآتي - الدال على أن مجرد الملك سبب للعتق، فيكون قرينة لحمل لفظة: (فيعتقه) على المعنى المجازي، كلما تقدم، ويصير المعنى: فيشتريه فيعتقه بشرائه له، كما يقال: ضربه فقتله، والضرب هو القتل (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "بداية المجتهد" (٤/ ٢٤٠)، "المغني" (٩/ ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٢) "المفهم" (٤/ ٣٤٤).
(٣) "المغني" (٩/ ٢٢٤)، "المفهم" (٤/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>