للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثاني: جواز بيعه مطلقًا، سواء باعه لحاجة أم لا، وهذا قول الشافعي، والمشهور من مذهب الإمام أحمد (١)، قالوا: إنه لما جاز بيعه في صورة من صور البيع؛ جاز في كل صورة؛ ولأنه شبيه بالوصية التي يجوز الرجوع عنها ما دام الموصي في حال الحياة.

وأجابوا عن قوله: (فاحتاج) بأنه لا مدخل له في الحكم، وإنما ذكره لبيان السبب في المبادرة لبيعه، ليتبين للسيد جواز البيع، ولولا الحاجة لكان عدم البيع أولى.

والقول الثالث: أنه لا يجوز بيع المدبر، وهو قول ابن عمر وسعيد بن المسيب والشعبي وآخرين، وهو قول أبي حنيفة ومالك (٢)؛ لأن المدبر استحق العتق بموت سيده فأشبه أم الولد، واستدلوا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١].

والقول الأول فيه وجاهة كما ترى؛ لأن فيه جمعًا بين الأدلة (٣).

* الوجه الرابع: الحديث دليل على مشروعية التدبير وصحته، وهذا أمر متفق عليه، لكن الخلاف في نفوذه، هل هو من رأس المال أو من الثلث؟ فذهب الجمهور إلى أنه يحسب من الثلث، قياسًا على الوصية بجامع النفوذ بعد الموت.

وذهبت الظاهرية وجماعة من السلف إلى أنه يحسب من رأس المال، قياسًا على الهبة ونحوها مما يخرجه الإنسان من ماله في حياته (٤)، والقول الأول أقوى، لقوة مأخذه.

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على أنه ينبغي لمن ليس عنده سعة في الرزق وبسطة في المال أن يهتم بنفسه ومن يعول من زوجته وأولاده فهم


(١) "المجموع" (٩/ ٢٤٤)، "المغني" (١٢/ ٣١٦) (١٤/ ٤١٩ - ٤٢٠).
(٢) "شرح فتح القدير" (٦/ ٤٠٦)، "حاشية الدسوقي" (٤/ ٣٨٣).
(٣) انظر: "الأحاديث الواردة في البيوع المنهي عنها" (١/ ١٧٠).
(٤) "المغني" (١٤/ ٤١٣)، "سبل السلام" (٤/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>