للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا شيئًا مما يتمول، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها -: (ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دينارًا ولا درهمًا، ولا شاة، ولا بعيرًا، ولا أوصى بشيء) (١).

قوله: (إلا بَغْلَتَهُ البيضاء) البَغْلُ: هو الحيوان المولد من فرس أنثى وحمار، وهذه البَغْلَةُ هي التي أهداها المقوقس صاحب الإسكندرية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي التي كان يختص بركوبها واسمها دلدل، وكان له بغال أُخر (٢).

قوله: (وسلاحه) أي: ما خلَّفه من السلاح من درع ومغفر وسيف ونحوها مما هو مذكور في كتب السير (٣).

قوله: (وأرضًا جعلها صدقة) الضمير يعود للأرض، والجملة صفة؛ أي: جعلها صدقة حال حياته، لما جاء في رواية للبخاري في "الجهاد" من طريق سفيان، عن أبي إسحاق: (وأرضًا بخيبر جعلها صدقة) (٤)، وفي رواية من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق: (وأرضًا جعلها لابن السبيل صدقة) (٥)، ولم يضف الأرض إليه كسابقيها؛ لاختصاصهما به دونها؛ لأن غلتها كانت عامة له ولغيره من عياله وفقراء المسلمين، وأراد بها أرض بني النضير أو فَدَكَ، أو سهم خيبر، أو الكل.

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التقلل من الدنيا والزهد فيها والرغبة عنها، ولذا توفي - صلى الله عليه وسلم - وما عنده شيء من الدنيا إلا بغلته التي كان يركبها، وسلاحه الذي كان يقاتل به، والأرض التي جعلها صدقة، وقد جاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة، ومنها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان لي مثل أُحد ذهبًا ما يسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئًا أَرْصُدُهُ لدين" (٦). وهذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم -


(١) رواه مسلم (١٦٣٥).
(٢) "زاد المعاد" (١/ ١٣٤).
(٣) "زاد المعاد" (١/ ١٣٠).
(٤) "صحيح البخاري" (٢٩١٢).
(٥) "صحيح البخاري" (٤٤٦١).
(٦) رواه البخاري (٦٤٤٥)، ومسلم (٩٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>