للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثاني: في تخريجه:

هذا الحديث رواه مسلم في كتاب "البر والصلة والآداب"، باب (تفسير البر والإثم) (٢٥٥٣) من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم … وذكر الحديث.

° الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (رضي الله عنه) هكذا في نسخ "البلوغ" والأولى: عنهما؛ لأن لأبيه صحبة، كما تقدم.

قوله: (البر) بكسر الباء، وفعله: بَرَّ يَبَرُّ من باب علم يعلم، وقد فسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بحسن الخلق، وهذا جواب جامع موجز، معناه: أن حسن الخلق أعظم خصال البر، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحج عرفة" (١)، أو أن حسن الخلق جامع لجميع أنواع البر، فيفسر حسن الخلق: بالتخلق بأخلاق الشريعة والتأدب بآداب الله التي شرعها لعباده؛ لأن البر يطلق على فعل جميع الطاعات الظاهرة والباطنة، كما قال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ … } [البقرة: ١٧٧]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لفظ البر إذا أطلق تناول جميع ما أمر الله به) (٢).

ويطلق على ما يقابل العقوق فيفسر بالإحسان والصلة إلى الوالدين.

وقد يأتي البر مقرونًا بالتقوى، كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] فيكون المراد بالبر: معاملة الخَلْق بالإحسان، وبالتقوى معاملة الخالق بفعل طاعته واجتناب معصيته، وقد يكون المراد بالبر: فعل الواجبات، وبالتقوى: اجتناب المحرمات (٣).

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: (البر والتقوى لله: إذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر، فإنه اسم جامع لكل ما يحبه الله ورسوله ظاهرًا وباطنًا، وترك


(١) انظر: (٥/ ١٨٠) من هذا الكتاب.
(٢) "مجموع الفتاوى" (٧/ ١٦٥).
(٣) انظر: "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>