للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الرابع: في الحديث ترغيب في حسن الخلق وبيان لفضله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسّر البر بحسن الخلق، ومعنى ذلك: أن جميع أنواع البر كلها في حسن الخلق، وهذا أوجز لفظ وأبلغه، وإذا أحسن العبد خُلُقَهُ أحبَّه الله وأحبَّه الناس، ومن أحبه الله تعالى فاز بجنته ورضوانه، ومن أحبه الناس ألفوه وعاش بينهم سعيدًا، ولا يكرم العبد نفسه بمثل حسن الخلق، ولا يهينها بمثل سوء الخلق، وقد روى أبو نعيم بسنده عن عكرمة أنه قال: (لكل شيء أساس، وأساس الإسلام: الخلق الحسن)، وعن ابن سيرين قال: (كانوا يرون حسن الخلق عونًا على الدِّين) (١) وسيأتي زيادة كلام على حسن الخلق في باب "الترغيب في مكارم الأخلاق" إن شاء الله تعالى.

° الوجه الخامس: دلَّ الحديث على أن للإثم علامتين: علامة داخلية وهي ما يتركه في النفس من قلق واضطراب وعدم اطمئنان إلى حله وإقدام على فعله، وعلامة خارجية وهي كراهية اطلاع وجوه الناس وأخيارهم عليه؛ خشية أن يذم ويلام على فعله، وهذا يدل على أن صاحب الخير الموفق للبر لا يقدم على شيء لا تطمئن نفسه إليه، بخلاف أهل الفسوق والمعاصي فإنهم لا يترددون في الآثام، بل يقدم الواحد منهم على المعصية منشرح الصدر مرتاح البال!

° الوجه السادس: الحديث دليل على أن الإثم مستقبح عند ذوي الفِطَرِ السليمة والعقول النيرة، ووجه ذلك: أن النفس مجبولة على محبة اطلاع الناس على خيرها وكراهة اطلاعهم على شرها، مما يدل على أن ذا الفطرة السليمة لا يجاهر بالإثم بل يستتر به ويخفيه. والله تعالى أعلم.


(١) "حلية الأولياء" (٢/ ١٧٤)، (٣/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>