للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (ليسلم) بكسر اللام وهي لام الأمر، والمضارع بعدها مجزوم بها، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، ولفظ "الصحيحين": (يسلم) بدون اللام، قال الحافظ: ("يسلم": كذا للجميع بصيغة الخبر، وهو بمعنى الأمر، وقد ورد صريحًا في رواية عبد الرزاق، عن معمر عند أحمد بلفظ: "ليسلم") (١).

قوله: (والمارُّ) هذا لفظ البخاري، ولهما: والماشي.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الصغير مأمور بالسلام على الكبير، وذلك لأجل حق الكبير، ولأن الصغير مأمور بتوقير الكبير والتواضع له. والصحيح من قولي أهل العلم وجوب رد البالغ إذا سلم عليه صبي (٢)؛ لعموم: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] أي: سواء حياكم صبي أو بالغ. فإن بدأ الكبير بالسلام على الصغير حاز الفضيلة وأدرك صفة التواضع، وقد نقل النووي اتفاق العلماء على استحباب السلام على الصبيان (٣)؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله (٤)، وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على غلمان فسلم عليهم (٥). قال ابن بطال: (في السلام على الصبيان تدريب لهم على تعليم السنن، ورياضة لهم على آداب الشريعة؛ ليبلغوا حد التكليف وهم متأدبون بآداب الإسلام) (٦). وأضاف الحافظ: (وفيه طرح الأكابر رداءَ الكِبْرِ، وسلوك التواضع، ولين الجانب) (٧)، وإن هذه الحكم العظيمة إضافة إلى الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام لداعية للمسلم إلى


(١) "فتح الباري" (١١/ ١٦).
(٢) انظر: "شرح صحيح مسلم" (١٣/ ٣٩٨).
(٣) المصدر السابق.
(٤) رواه البخاري (٦٢٤٧)، ومسلم (٢١٦٨).
(٥) رواه مسلم (٢١٦٨).
(٦) "شرح ابن بطال" (٩/ ٢٧).
(٧) "فتح الباري" (١١/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>