للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - الوقوع في النهي الثابت في السنّة، والأصل في النهي التحريم، وهو الصحيح عند الشافعية، وهو قول الحنابلة، ورجحه النووي (١)، وحَمْلُهُ على الكراهة؛ لعموم أحاديث الأمر بإفشاء السلام قول ضعيف؛ لأنها مخصوصة بهذا الحديث، وذهب فريق ثالث إلى جواز ابتدائهم بالسلام لضرورة أو حاجة أو سبب، وهو قول جماعة، منهم علقمة والنخعي (٢)، والصواب الأول؛ لأن حديث الباب نص صحيح صريح في المراد، ولا يصرف عن ظاهره إلا بدليل.

٢ - أن السلام عليهم نوع من الإكرام والذُّلِّ لهم، وهم ليسوا أهلًا للإكرام.

٣ - أن السلام عليهم سبب للتحاب معهم والتواد، والله تعالى قد نهى عن ذلك، قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢].

٤ - أن السلام عليهم فيه إذهاب وهج الحسد من قلوبهم، وهم قد حسدونا على السلام، كما في حديث عائشة -رضي الله عنهما-، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين" (٣)، فإذا سلم عليهم أدخل السرور على أفئدتهم لتشريكهم في هذه التحية.

وإذا نُهي المسلم عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام وهم أهل كتاب فغيرهم من المشركين كالهندوس والبوذيين أولى.

ومما يؤسف عليه أن من المسلمين من لم يقم لهذا النهي وما اشتمل عليه من الحكم والأسرار أي اعتبار، فتراه لا يفرق بين مسلم وكافر في التحية، فيسلم على الكافر كما يسلم على المسلم، ويظن ذلك من المحامد


(١) "شرح صحيح مسلم" (١٤/ ٣٩٦)، "الإنصاف" (٤/ ٢٣٣).
(٢) "شرح النووي" (١٤/ ٣٩٦)، "الإنصاف" (٤/ ٢٣٣)، "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٢٦٤).
(٣) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٩٨٨)، وابن ماجه (٨٥٦)، وسنده صحيح، قاله البوصيري في "الزوائد" (١/ ٢٩٧). وانظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (١/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>