للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التسميت الوارد في أول أحاديث الباب "وإذا عطس فحمد الله فَسَمِّتْهُ".

قوله: (فليقل) أي: مقابلة للدعاء بمثله ومكافأة للجميل.

قوله: (يهديكم الله) أي: يرشدكم الله إلى ما يحب ويرضى، ويثبتكم ويسددكم ويعينكم.

قوله: (ويصلح بالكم) البال هو الحال، تقول: ما بالك؟ أي: ما حالك؟ والمعنى: يصلح حالكم وشأنكم، وقيل: البال: القلب، تقول: خطر ببالي؛ أي: بقلبي (١)، وقيل البال: رخاء العيش، يقال: هو رَخِيُّ البال، والمعنى الأول أنسب لعمومه ما بعده، وقد يقال: إن الثاني أنسب؛ لأنه إذا صلَح القلب صلَح الحال (٢).

وقد جاء إفراد الدعاء للعاطس وجمعه للمجيب ولو كان مفردًا فيهما، وهذا -والله أعلم- لأن الرحمة مدعو بها للعاطس وحده؛ لما أصابه مما تنحل به أعصابه ويضر سمته لولا الرحمة، وأما الهداية فمدعو بها لجميع المؤمنين ومنهم المخاطب، فلذا جمع الضمير (٣).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أن العاطس مأمور بحمد الله تعالى بعد عطاسه؛ لأن العطاس نعمة من الله؛ لخروج هذه الريح المحتقنة في أجزاء من بدن الإنسان، ثم النعمة الثانية بقاء أعضاء بدنه على التئامها وهيئتها (٤). ولهذا يُحِسُّ العاطس بالخفة والنشاط بعد عطاسه. قال ابن هبيرة: (إذا عطس الإنسان استدل بذلك على صحة بدنه وجودة هضمه واستقامة قوته، فينبغي له أن يحمد الله، ولذلك أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يحمد الله) (٥).

وقد ثبت في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته .. " الحديث (٦)؛ لأن العطاس دليل النشاط، والتثاؤب دليل الكسل، وقد


(١) "المصباح المنير" ص (٦٦).
(٢) "الفتوحات الربانية" (٦/ ٧).
(٣) "الفتوحات الربانية" (٦/ ١٤).
(٤) "زاد المعاد" (٢/ ٤٣٨).
(٥) "الآداب الشرعية" (٢/ ٣٣٤).
(٦) رواه البخاري (٦٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>