للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرعي، وعدم قبوله ما أمره به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقول بأن الدعاء عليه ليس لامتناعه عن الأكل بيمينه، وإنما لكبره عن امتثال الأمر النبوي، واختلاقه علة هو كاذب فيها، هذا خلاف ظاهر الحديث (١).

ومما يؤسف عليه أن الأكل والشرب بالشمال من العادات التي انتشرت بين المسلمين، وهذا من الجهل بالسنّة، أو قلة المبالاة وضعف العناية بآداب الشريعة، فينبغي الإنكار على من فعل ذلك، كما أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأكل باليمين أيسر وأحسن وأخف.

وإذا كانت اليد اليمنى فيها طعام فليس هذا بعذر للشرب بالشمال، كما يفعله بعض الناس؛ لأنه بإمكانه إمساك الإناء بمعاونة اليد اليسرى، على أنه في زماننا هذا وجدت هذه الكؤوس من البلاستيك، فيمكن إمساكها باليمين ولو حصل لها شيء من التأثر؛ لأنها سترمى في الغالب ولا تستعمل مرة ثانية (٢).

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الشيطان يأكل ويشرب، والأصل حمل الكلام على حقيقته، والشيطان من عالم الغيب، ولا نعلم من أعماله وأحواله إلا ما أخبرنا به نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ويؤيد هذا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط … " الحديث (٣)، فهذا يدل على أن له جوفًا يتغذى ويحيل الطعام والشراب، وكذا حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: ما زال نائمًا حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، قال: "بال الشيطان في أذنه" (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "دليل الفالحين" (٤/ ٤٨٦).
(٢) "الشرح الممتع" (١٢/ ٣٦٢)، "شرح رياض الصالحين" (٦/ ٣٧٧).
(٣) رواه البخاري (٦٠٨)، ومسلم (٣٨٩).
(٤) رواه البخاري (١١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>