للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأمهات: جمع أُمَّهة، وهو لفظ خاص بمن يعقل، وأما لفظ الأم فهو شامل لمن يعقل ومن لا يعقل. واقتصر على الأمهات؛ لأن أكثر العقوق إنما يقع على الأمهات لضعفهن؛ ولأن حرمتهن آكد من حرمة الآباء، وقد جاء في رواية عند مسلم: " … وعقوق الوالدين"، وفي حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -المتقدم في الشهادات-: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين .. " الحديث.

قوله: (ووأد البنات) هكذا في رواية مسلم، ورواية البخاري بتقديم ما بعده عليه.

والوأد: بسكون الهمزة، مصدر وَأَدَ بنته من باب وعد: دفنها حية، فهي موءودة (١)، وخص البنات بالذكر؛ لأنه هو الواقع في عصر الجاهلية، فتوجه النهي إليه، لا لأن الحكم مخصوص بالبنات.

قوله: (ومنعًا وهات) منعًا: مصدر منع، وهو منصوب على أنه مفعول به معطوف على عقوق؛ أي: وحرم عليكم منعًا وهات. وهاتِ: اسم فعل أمر بمعنى أعطني، ومعنى (منعًا) منع الإنسان ما يطلب بذله من مال أو منفعة، و (هات) طلب الإنسان ما لا حق له فيه من مال أو منفعة.

قوله: (وكره لكم) قيل: إن معناها: أبغض من أفعالكم، فيكون لفظ كره على بابه، وهو ما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازم. وقيل: إن معناها: حرم؛ لأن الكراهة في لسان الشارع معناها التحريم، والحرام يكرهه الله ورسوله، وهذا رأي ابن القيم، ويكون هذا من باب اختلاف التعبير (٢).

قوله: (قيل وقال) بالنصب على المفعولية لقوله: (كره) وهما في الأصل فعلان ماضيان جعلا اسمين، بدليل دخول (أل) عليهما، فيقال: كثرة القيل والقال، وأُبقِيَ فتحهما؛ ليدل على ما كانا عليه، وجمع بينهما للتنبيه على منع ذلك، سواء عرف القائل أو لم يعرف.


(١) "المصباح المنير" ص (٦٧٤).
(٢) "إعلام الموقعين" (١/ ٤٣)، "شرح رياض الصالحين" (٣/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>