• الوجه الرابع: يقاس على ما في الحديث كل ما ينبغي إهداؤه، ولا سيما ما قد يظهر له رائحة كبعض الفواكه والأطعمة.
• الوجه الخامس: للهدية أثر كبير في بث الإخاء ونشر المودة وتوثيق الصداقة والمحبة ولا سيما بين الجيران؛ لأن الجيران قد يقع بينهم شيء من الأذى والوحشة بسبب الصبيان أو حالات الجوار، والإهداء من أسباب الألفة والتقارب وإزالة الوحشة، ولهذا رغب فيها الإسلام، وقد قالت عائشة - رضي الله عنها - يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيِّهما أهدي؟ قال:"إلى أقربهما منك بابًا"(١). فندب الإهداء إلى الأقرب، وذلك لأن الأقرب يرى ما يدخل في بيت جاره من هدية وغيرها، فيتشوف لها بخلاف الأبعد؛ ولأن الأقرب أسرع إجابة لما قد يقع لجاره من المهمات، ولا سيما في أوقات الغفلة.
ولو أهدى إلى الأبعد وترك الأقرب جاز؛ لأن الهدية في الأصل ليست بواجبة، فلا يكون الترتيب فيها واجبًا.
• الوجه السادس: ينبغي للجار المهدي ألا يمنع جاره شيئًا استقلالًا له واحتقارًا له بل يجود بما تيسر.
وينبغي للجار المُهدى إليه أن يقبل ذلك بكل سرور ويكافئ عليه ولو بالشكر والدعاء، وألا يستقل ما يأتي من جاره، فإن العدم أقل من ذلك، وقد يكون استقلالها سببًا في قطعها؛ لأن الهدية وإن كانت قليلة فهي دليل على تعلق قلب المُهدي بجاره. والله تعالى أعلم.