للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد جاءت الأدلة من الكتاب والسنّة في وجوب التوبة على كل مسلم وبيان فضلها وأثرها، ووصف الأنبياء بها، ومحبة الله تعالى للتائبين، ووعده بقبولها، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)} [النور: ٣١]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: ٨]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: ٢٢٢]، وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} [طه: ٨٢].

وروى مسلم في "صحيحه" عن أبي بردة - رضي الله عنه - قال: سمعت الأَغَرَّ -وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس توبوا إلى الله؛ فإني أتوب - في اليوم - إليه مائة مرة" (١).

قال القرطبي: (اتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين) (٢)، وقال في موضع آخر: (لا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة وأنها فرض متعين) (٣).

فالواجب على المؤمن إذا تلبس بمعصية أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا إلى ما يحبه الله ظاهرًا وباطنًا، ندمًا على ما مضى، وتركًا في الحال، وعزمًا على ألا يعود (٤)؛ لأن الإنسان لا يدري في أي لحظة يموت؛ ولأن السيئات تجر أخواتها، وإذا كانت التوبة واجبة على الفور، فإن تأخير التوبة ذنب يجب التوبة منه.

فإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي زيد على هذه الشروط الثلاثة شرط رابع، وهو أن يبرأ من حق صاحبها، فإن كان مالًا أو نحوه ردَّه إليه، وإن كان غيبة استحله منها إن لم يترتب على ذلك مفسدة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى، والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح مسلم" (٢٧٠٢) (٤٢).
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" (٥/ ٩٠).
(٣) "الجامع لأحكام القرآن" (١٢/ ٢٣٨).
(٤) "فوائد قرآنية" ص (١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>