النصب على أنه مفعول معه، والرفع عطفاً على الضمير المستتر في (أغتسل) وهو أحسن من النصب، لأن العطف على الضمير المستتر مع الفصل بالضمير المنفصل قوي، وفيه تغليب المتكلم على الغائب إيذاناً بأن النساء محل الشهوات وحاملات للاغتسال، فكنّ أصلاً فيه.
قولها:(تختلف أيدينا فيه) الاختلاف ضد الاتفاق، والمراد بذلك أن يدخل كل واحد منهما يده ويغرف من الإناء بعد يد الآخر، فيكون كل واحد منهما اغتسل بفضلة الآخر.
وقد جاء في بعض الروايات عند البخاري ومسلم:(من إناء واحد من قدح يقال له الفَرَق) قال سفيان: والفرق ثلاثة آصع.
قولها:(من الجنابة) متعلق بالفعل (أغتسل) و (من) للسببية.
قولها:(وتلتقي) أي: تجتمعان أثناء الأخذ والغرف من الإناء.
الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز اغتسال الرجل مع امرأته من إناء واحد، وأن ذلك لا يؤثر في طهارة الماء، وجواز رؤية كل واحد منهما عورة الآخر، ويدل لذلك - أيضاً - قوله تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}[المعارج: ٢٩، ٣٠].
الوجه الرابع: الحديث دليل على أن وضع الجنب يده في الإناء الذي فيه ماءُ غُسْلِهِ لا يسلبه الطهورية، وذلك أن اليد إذا كانت نظيفة ليس عليها قذر جاز إدخالها في الإناء؛ لأنه ليس شيء من أعضاء الجنب نجساً بسبب كونه جنباً، ولو كانت الجنابة تتصل بالماء حكماً لما جاز للجنب أن يدخل يده في الإناء حتى يكمل طهارته، ويزول حدث الجنابة عنه، فلما جاز إدخالها في أثناء الغسل علم أن الجنابة ليست مؤثرة في مباشرة الماء باليد، فلا مانع من إدخالها أولاً كإدخالها وسطاً (١).