للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعند أحمد والبخاري في "الأدب المفرد": "من تعظم" والمعنى: من تكبّر واعتقد في نفسه أنَّه عظيم يستحق التعظيم فوق ما يستحق غيره، وهذا التعاظم منشؤه من الكبر الذي هو استعظام النفس ورؤية قدرها فوق قدر الغير، والكبر نوعان: كبر على الحق، وكبر على الخلق، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكبر بطر الحق، وغمط الناس" (١).

قوله: (واختال في مشيته) أي: تبختر وأظهر التكبّر.

• الوجه الثالث: في الحديث ذم التكبّر والتعاظم، وأن هذا من مساوئ الأخلاق التي ينبغي للمؤمن أن يتنزّه عنها، وأن يتصف بالتواضع ولين الجانب، وأن يعرف قدر نفسه، وأن يتأمل عيوبه، والكبر خلق مذموم، جعل الله تعالى جزاءه الطرد من رحمته. قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" (٢)، وعن حارثة بن وَهْب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " .. ألا أخبركم بأهل النار؛ كل عُتُلٍّ جَوَّاظ مستكبر" (٣) وعن أبي سعيد وأَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العِزُّ إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته" (٤)، إن المتكبر بعيد عن الخير، قريب من الشر، لا ينقاد للحق، ولا يكظم الغيظ، قد تسبب في بغض الناس له وتفرقهم عنه. قال الحسن: "من خَصَفَ نعليه ورَقَعَ ثوبه، وعفَّر وجه لله - عزَّ وجلَّ - فقد برئ من الكبر) (٥). وقال محمد بن الحسين بن علي: (ما دخل قلب امرئ شيءٌ من الكبر قط إلَّا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك، قلّ أو كَثُر) (٦).

وقال الأحنف بن قيس: (عجبًا لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين) (٧).

ولابن القيم كلمة قيمة في منشأ الكبر وصفات المتكبر فهو يقول: (الكبر


(١) رواه مسلم (٩١).
(٢) تقدم تخريجه في الذي قبله.
(٣) رواه البخاري (٤٩١٨)، ومسلم (٢٨٥٣).
(٤) رواه مسلم (٢٦٢٠).
(٥) "التواضع" (٢٥٦).
(٦) "الإحياء" (٣/ ٣٥٩).
(٧) "التواضع" ص (٢٥١)، "الإحياء" (٣/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>