للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ضعيف الحديث، ما أراه يُسوى شيئًا). وقال أَبو حاتم: (ليس بالقوي) (١). وقال عنه ابن معين: (ليس بثقة)، وفي رواية: (يكذب)، وقال أَبو داود: (كذاب)، وقال النَّسائي: (متروك)، وقال الدَّارَقُطني: (لا شيء) (٢).

وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: (هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمتهم به محمد بن الحسن) (٣).

• الوجه الثاني: هذا الحديث وإن كان بهذا الوصف لكن معناه صحيح، وهو التحذير من تعيير الناس وعيبهم بذنوبهم وما يظهر عليهم من الانحراف؛ لأنه إن كان تائبًا منه لم يجز تعييره بذنبه السابق؛ لأن من تاب تاب الله عليه، وإن كان لم يتب وجب نصحه وتوجيهه بالكلام الطيب لا بالتعيير؛ لأن التعيير يوجب العداوة والبغضاء، ولا يؤدي المقصود.

ثم إن التعيير فيه معنى العُجْبِ بالنفس، فإن الإنسان لا يعيب أحدًا بعينه إلَّا لما يجد في نفسه من العجب بسلامته من ذلك العيب، وقد يرى أن سلامته قد جاءته من قوته وإرادته لا من الله تعالى الذي عصمه من هذا الذنب.

ومن مظاهر التعيير إظهار السوء وإشاعته في قالب النصح، فهذا ليس غرضه النصح، وإنَّما غرضه التعيير والأذى بإظهار العيوب والمساوئ للناس، ولو كان غرضه النصح لما أشاع ذلك ولا أظهره؛ لأن النصيحة هي ما كانت سرًّا بين الآمر والمأمور، والناصح ليس غرضه إشاعة عيب من أراد نصحه، وإنَّما غرضه الإصلاح وإزالة المفسدة.

قال الفضيل: (المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير) (٤) فعلامة النصح: الستر، وعلامة التعيير: الإعلان، يقول الحافظ ابن رجب: (كان السلف يكرهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذا الوجه، ويحبون أن يكون سرًّا بين الآمر والمأمور، فإن هذا من علامات النصح) (٥). والله تعالى أعلم.


(١) "الجرح والتعديل" (٧/ ٢٢٥).
(٢) "تهذيب التهذيب" (٩/ ١٠٥).
(٣) (٣/ ٨٢).
(٤) راجع: رسالة ابن رجب "الفرق بين النصيحة والتعيير".
(٥) المصدر السابق ص (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>