قوله:(ليضحك به القوم) بضم الياء وكسر الحاء من أضحك الرباعي المتعدي، والقوم: بالنصب مفعول به، ويجوز فتح الياء والحاء من المضارع من ضحك الثلاثي اللازم، والقوم: بالرفع فاعل، والضمير (به) يعود إلى المتحدث، فتكون الباء سببية، أو يعود إلى الكذب.
قوله:(ويل له ثم ويل له) هكذاب (ثم) في نسخ "البلوغ"، والذي في المصادر المذكورة:(ويل له وويل له)، وفي بعضها بدون حرف العطف، وهذا التكرار فيه إيذان بشدة هلكته وعِظَمِ الأمر الذي وقع فيه؛ لأن الكذب وحده رأس كل مذموم، وجماع كل فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح (١).
• الوجه الثالث: في الحديث تحذير من الكذب ووعيد بالهلاك لمن يتعاطى الكذب من أجل المزاح وإضحاك الناس، وهذا من الأخلاق السيئة التي يجب على المؤمن أن يتنزه عنها، وأن يبتعد عن الكذب، ويطهر لسانه منه في كل حال من الأحوال إلَّا ما أذن فيه الشرع.
ومن اعتاد الكذب والمزاح سهل على لسانه وتهاون به، والإسلام أباح الترويح عن النفس، ولكنه لم يرض لذلك وسيلة سوى الصدق المحض؛ لأن في الحلال مندوحة عن الحرام، وفي الحق إغناء عن الباطل، ومن الناس من لا يبالي في الكذب في مجال المزاح والتسلية، وهذا خطأ يرتكبه الإنسان؛ إما لضعف إيمانه أو لجهله بشؤم الكذب وسوء عاقبته، وبعض الناس يفعل هذا عمدًا لأجل أن يتصدر في المجالس، ويستظرفه الناس، ويستطرفوا حديثه، ويلتفتوا إليه. والله تعالى أعلم.