للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على قوة في الشيء قولًا وغيره، من ذلك الصدق: خلاف الكذب، سمي لقوته في نفسه؛ ولأن الكذب لا قوة له، بل هو باطل، وأصل هذا من قولهم: شيء صَدْقٌ؛ أي: صُلْب، ورُمْحٌ صَدْقٌ … ) (١).

والصدق في الاصطلاح: هو الإخبار على وفق الواقع، وهذا هو صدق اللسان، وهو أشهر أنواع الصدق.

وقيل: الصدق: الإخبار بما يوافق الاعتقاد، وهذا أدق من الأول، لكن لا بد من تقييده بالصحيح، فيخرج الاعتقاد الذي لا يصح؛ كاعتقاد وجود آلهة مع الله، فقول المنافق: محمد رسول الله، هو صدق باعتبار المُخْبَرِ عنه، لكنه كذب باعتبار المتكلم؛ لمخالفته لاعتقاده، ولهذا سماهم الله كاذبين في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)} [المنافقون: ١].

وقيل: الصدق: الإخبار بما يوافق الاعتقاد والمخبر عنه، وهذا أدق مما قبله (٢).

قوله: (فإن الصدق يهدي إلى البر) جملة تعليلية سيقت لبيان ثمرة الصدق وعاقبته الحميدة، ومعنى (يهدي) يرشد ويوصل، والهداية: الدلالة الموصلة إلى المطلوب.

والبر: اسم جامع للخير كله من فعل الحسنات وترك السيئات، ويطلق على العمل الصالح الدائم المستمر معه إلى الموت.

قوله: (وإن البر يهدي إلى الجنَّة) هذا فيه بيان مآل صاحب الصدق، كما قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣)} [الانفطار: ١٣].

قوله: (وما يزال الرجل) أل للجنس، وذكره لأنه أشرف من المرأة في الجملة، وإلا فالمرأة مثله في ذلك.


(١) "معجم مقاييس اللغة" (٣/ ٣٣٩).
(٢) انظر: "المفردات في غريب القرآن" ص (٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>