للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصدق في الأعمال: استواء الأفعال على الأمر والمتابعة، كاستواء الرأس على الجسد.

والصدق في الأحوال: استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص، واستفراغ الوسع، وبذل الطاقة) (١).

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن الصدق خلق كريم يحصل بالاكتساب والمجاهدة لقوله: "وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق" وكذا الكذب، فإن الإنسان إذا أكثر منه وتعوَّده صار له خلقًا وسجية.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (الرجل الصادق البار يظهر على وجهه من نور صدقه، وبهجة وجهه سيما يعرف بها، وكذلك الكاذب الفاجر، وكلما طال عمر الإنسان ظهر هذا الأثر فيه حتَّى إن الرجل يكون في صغره جميل الوجه، فإذا كان من أهل الفجور مصرًا على ذلك، يظهر عليه في آخر عمره من قبح الوجه ما أثره باطنه والعكس.

وقد رُوي عن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أنَّه قال: "إن للحسنة لنورًا في القلب، وضياء في الوجه، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة لظلمة في القلب، وسوادًا في الوجه، ووهنًا في البدن، وبغضًا في قلوب الخلق") (٢).

• الوجه السادس: بيان مضرة الكذب وشؤم عاقبته فهو أصل الفجور الذي هو طريق إلى النار، والكذب نوع من أنواع النفاق كما تقدم في حديث: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب … "، قال ابن بطَّال: (هذه الصفة ليست صفة عِلْية المؤمنين، بل هي من صفات المنافقين وعلاماتهم) (٣)، وقد اختلف الفقهاء في الكذب - في غير شهادة الزور، هل هو من الكبائر أو من الصغائر؛ على قولين، هما روايتان عن الإِمام أحمد، واحتج من جعله من الكبائر بأن الله تعالى جعله في كتابه من صفات شرِّ البرية، وهم الكفار والمنافقون، فلم


(١) "مدارج السالكين" (٢/ ٢٧٠).
(٢) "الجواب الصحيح" (٤/ ٣٠٦).
(٣) "شرح ابن بطَّال" (٩/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>