للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فاغسلوا الشعر) الفاء للترتيب، والمعنى: ترتيب الحكم الذي هو وجوب الغسل على الوصف الذي هو عموم الجنابة للبدن، للدلالة على أن الشعر قد يمنع وصول الماء إلى البشرة، فيجب استقصاء الشعر بالغسل، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.

قوله: (أنقوا) بهمزة القطع، يقال: نَقِيَ الشيءُ ينقى، من باب (تعب) نقاء ونقاوة: نَظُفَ، فهو نقي.

قوله: (البشر) بفتح الباء الموحدة والشين المعجمة: ظاهر الجلد، مفرده: بشرة.

الوجه الثالث: الحديث دليل على وجوب الغسل من الجنابة، وتعميم الجسم كله بالماء، وإزالة كل ما يمنع وصول الماء إلى البشرة وأن الطهارة لا تكمل بترك الشيء من الجسد ولو كان قليلاً، وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً في سنده - كما تقدم - فهو صحيح في معناه، دل القرآن على مقتضاه؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، فأوجب الله التطهير لجميع البدن.

إلا إن كان عليه جبيرة فإنه يكفي غسل ظاهرها إن أمكن غسله، وإن لم يمكن مسحه، فإن كان الجرح ليس عليه شيء ويضره الماء، فعليه أن يتيمم، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وسيأتي ذلك في «التيمم».

الوجه الرابع: فيه دليل على تعليق الأحكام بعللها، وأنه لما كانت الجنابة شاملة لجميع البدن، كان التطهير شاملاً لجميع البدن، وذلك أن اللذة أثناء الجماع قد عمَّت جميع البدن واهتز لها فصار التطهير شاملاً لجميع البدن، كما أن جَلْدَ الزاني يعم بدنه، لحصول اللذة في جميع البدن، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>