للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فما تقرّب أحد إلى الله بمثل توطين النفس على النصيحة الشرعية المذكورة، فالناصح في عبادة مستمرة إن قام أو قعد، أو عمل، أو ترك العمل.

ومنها: أن من عجز عن العمل الديني إذا كان ناصحًا لله ولرسوله، ناويًا الخير إذا تيسر له، فإنَّه لا حرج عليه، ويشارك العاملين في عملهم، فإنَّما الأعمال بالنيات.

ومنها: أنَّ الله ييسر للناصح الصادق أمورًا لا تخطر له على بال، وأنَّ الساعي في نفع المسلمين إذا كان قصده النصيحة، فإنَّه يفلح وينجح، فإنْ تم ما سعى له فعلًا وهو الغالب وإلا تمَّ أجرُهُ، فمن عجز عن بعض عمل قد شرع فيه تُمّم له ذلك العمل. قال تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: ١٠٠].

ومنها: السلامة من الغش، فإن من غشّ المسلمين في دينهم ودنياهم فليس منهم، والغش من أشنع الخصال القبيحة في حق القريب والبعيد، والمخالف والموافق (١).

° الوجه الثامن: الحديث دليل على حرص الصحابة - رضي الله عنه - على تعلم أمور الدين؛ لأنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن تكون النصيحة؟.

° الوجه التاسع: في الحديث دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يبين مواضع النصيحة حتى سأل الصحابة - رضي الله عنهم - النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن تكون النصيحة؟.

° الوجه العاشر: في الحديث دليل على أن للعالم أن يكل فهم ما يلقيه من العلم للسامع، فلا يزيد له في البداية حتى يسأله، لتتشوَّفَ نفسه حينئذٍ إليه، فيكون أوقع في النفس وأرسخ في الذهن مما لو فهمه من أول وهلة، وفيه أنه ينبغي للمتعلم مراجعة مُعلِّمِهِ عند الإبهام والالتباس وألا يستحيي من ذلك. والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "فتح الرحيم الملك العلَّام" لابن سعدي ص (١٠٩ - ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>