للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللحديث شاهد من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم أحسنت خَلْقي فأحسن خُلُقِي".

رواه أحمد (٤٠/ ٤٥٧) من طريق عاصم بن سليمان، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة -رضي الله عنها-، وهو حديث صحيح، لكن فيه اختلاف على عاصم بن سليمان وهو الأحول، ومن صور هذا الاختلاف روايته السابقة.

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (اللهم أحسنت) في بعض نسخ البلوغ: "اللهم كما أحسنت. ." وهي ليست في المصادر المذكورة، ولا في المخطوطة التي سبق وصفها (١)، وإنما هي في "مسند الطيالسي" (٢) فيما وقفت عليه.

قوله: (خَلْقي) بفتح الخاء وسكون اللام هي صورة الإنسان الظاهرة.

قوله: (خُلُقي) بضمتين، هي الصورة الباطنة في النفس التي تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية الدعاء بحسن الخُلق؛ لأن حسن الخُلق من أعظم خصال المؤمن، ومن أكبر أسباب سعادته في الدنيا وفلاحه في الآخرة، وأن العبد يتوسل إلى الله تعالى الذي أحسن صورته الظاهرة وجملها وكملها أن يحسن صورته الباطنة، وأن يهديه لمكارم الأخلاق وجميل الصفات.

وهذا الدعاء منه - صلى الله عليه وسلم - فيه الاعتراف بنعمة ربه عليه، وطلب استمرار ودوام هذه النعمة، وفيه تعليم للأمة، وإلا فهو - صلى الله عليه وسلم - أشرف العباد خَلْقًا وخُلُقًا، يقول البراء بن عازب - رضي الله عنه -: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وجهًا وأحسنه خُلُقًا (٣)، وليس بالطويل البائن ولا بالقصير) (٤).

وقد تقدم في "صفة الصلاة"، حديث علي - رضي الله عنه - الطويل في دعاء


(١) انظر: شرح الحديث (١٥٣٩).
(٢) (١/ ٢٩١).
(٣) راجع "فتح الباري" (٦/ ٥٧١).
(٤) رواه البخاري (٣٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>