للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ومداد كلماته) بكسر الميم مصدر المد بمعنى المدد وهو ما كثرت به الشيء، والمراد: ما يكتب به كالحبر، كما في قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩] أي: لو كان ماء البحر مدادًا تكتب به كلمات الله تعالى لنفد ماء البحر ولم تنفد كلمات الله؛ لأن كلمات الله لا منتهى لها.

والمراد بـ (كلماته) كلامه وقوله سبحانه وتعالى الذي لا نفاد له؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال يتكلم بما شاء إذا شاء كيف شاء.

وما جاء في هذا الحديث مراد به المبالغة في الكثرة؛ لأنه ذكر أولًا ما يحصره العدد الكثير من عدد الخلق، ثم زنة العرش، ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك وهو ما لا يحصيه عدد ولا يحده مقدار وهو كلمات الله، ولذا صرح في الأولى بالعدد وفي الثالثة بالزنة، ولم يصرح في الآخرين بشيء منهما إيذانًا بأنهما لا يدخلان في جنس العدد والموزون ولا يحصرهما تقدير، فحصل الترقي من عدد الخلق إلى رضا النفس ومن زنة العرش إلى مداد الكلمات (١).

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على فضل هذا الذكر (سبحان الله وبحمده عدد خلقه) ثلاث مرات، (سبحان الله وبحمده رضا نفسه) ثلاث مرات، (سبحان الله وبحمده زنة عرشه) ثلاث مرات، (سبحان الله وبحمده مداد كلماته) ثلاث مرات، فيكون الجميع اثنتي عشرة مرة.

وظاهر هذا الذكر أنه مطلق لم يقيد بوقت معين، وقد ذكره النووي ضمن الأذكار غير المقيدة (٢)، لكن ظاهر الحديث أنه في أول النهار.

° الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن الأجر ليس على قدر النصب، بل لله أن يأجر على العمل القليل بالأجر الجزيل، وذلك أنه ارتفع فضل التسبيح الأقل زمنًا على الأكثر زمنًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عند أم المؤمنين - رضي الله عنها - بكرة حين صلى الصبح، ثم رجع إليها ضحى (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "دليل الفالحين" (٤/ ٢٣٧).
(٢) "الأذكار" ص (٤٧).
(٣) انظر: "دليل الفالحين" (٤/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>