للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمجرور هو الخبر (١)، وقيل: لا تحول للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله. قال النووي: (هي كلمة استسلام وتفويض وأن العبد لا يملك شيئًا من الأمر، وليس له حيلة في دفع شر ولا قوة في تحصيل خير إلا بإرادة الله تعالى) (٢).

قوله: (ولا قوة) بالبناء على الفتح على أن (لا) عاملة عمل (إن) كالأولى، والواو عاطفة، من باب عطف الجمل أو المفردات (٣).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل هذا الذكر وأن هذه الألفاظ مما يبقى أثره ونفعه للمؤمن بعد موته، قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيرٌ أَمَلًا (٤٦)} [الكهف: ٤٦]؛ أي: إن صاحبها ينتظر الثواب وينبسط أمله على خيرٍ من حال ذي المال والبنين دون عمل صالح (٤).

وقد جاء عن كثير من السلف تفسير الباقيات الصالحات بهذا الذكر منهم أمير المؤمنين عثمان وابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم-، وسعيد بن المسيب والحسن وقتادة ومجاهد وآخرون، وعزاه بعض المفسرين إلى الجمهور (٥).

والقول الثاني: أن الباقيات الصالحات الصلوات الخمس، وهذا مروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف، كما قال ابن كثير.

والقول الثالث: أن الباقيات الصالحات هي الأعمال الصالحة كلها، وهذا مروي عن ابن عباس -أيضًا- وهو قول قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهذا اختيار ابن جرير (٦)، وهذا هو الأقوى في نظري، وما جاء في حديث الباب هو فرد من أفراد الأعمال الصالحة. والله تعالى أعلم.


(١) "العَلَمُ الهيِّب" ص (١١٠).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١٧/ ٣٠ - ٣١) بتصرف، "فتح الباري" (١١/ ٥٠٠ - ٥٠١).
(٣) انظر: "دليل السالك إلى ألفية ابن مالك" (١/ ٢٢٦).
(٤) "المحرر الوجيز" (٥/ ٦١٥).
(٥) "المحرر الوجيز" (٥/ ١٥٧) (٥/ ٦١٥).
(٦) "الدر المنثور" (٩/ ٥٦١)، "تفسير ابن كثير" (٥/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>