للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يريد الحسن لغيره، لا الحسن لذاته، وهذا غير وارد هنا؛ لأن حديث ابن عباس ضعيف -كما تقدم في كلام أبي داود- بل قال عنه أبو حاتم -كما تقدم- (هذا حديث منكر) فمثله لا يصلح في باب الشواهد ولا المتابعات.

* الوجه الثاني: يستدل العلماء بحديث عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - علي مشروعية مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء، وهذا القول هو أحد الروايتين عن الإمام أحمد داخل الصلاة وخارجها، وقد ذكر المرداوي في "الإنصاف" أنها هي المذهب (١)، وهو أحد الوجهين عند الشافعية (٢)، قال ابن مفلح: (ويمسح وجهه بيديه، فعله أحمد) (٣)، وقال الموفق بعد أن ذكر الاستحباب عن أحمد وذكر الحديث قال: (ولأنه دعاء يرفع يديه فيه، فيمسح بهما وجهه، كما لو كان خارجًا عن الصلاة، وفارق سائر الدعاء، فإنه لا يرفع يديه فيه) (٤).

والقول الثاني: أنه لا يشرع مسح الوجه باليدين بعد الدعاء، وهذا مروي عن الإمام أحمد -أيضًا- فقد نقل ابن هانئ أنه رفع يديه ولم يمسح (٥)، وقال أبو داود: (سمعت أحمد وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ من الوتر فقال: لم أسمع فيه بشيء، ورأيت أحمد لا يفعله) (٦).

وقد ذكر الموفق هذه الرواية ثم قال: (ولأنه دعاء في الصلاة، فلم يستحب مسح وجهه بها كسائر دعائها) (٧).

وهذا القول هو الوجه الثاني في مذهب الشافعية.

ومما تقدم يتبين أن رواية ترك المسح في المذهب سندها قول أحمد وتركه له، وسند رواية المسح: فعل أحمد له، وعلى هذا فالظاهر أن تركه


(١) (٢/ ١٧٣).
(٢) "المجموع" (٣/ ٤٤٢).
(٣) "الفروع" (١/ ٥٤١).
(٤) "المغني" (٢/ ٥٨٥).
(٥) "الفروع" (١/ ٥٤١).
(٦) "مسائل الإمام أحمد لأبي داود" ص (٧١)، "الوتر" للمروزي ص (١٧٠).
(٧) "المغني" (٢/ ٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>