للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول الحاكم: إنه على شرط مسلم، فيه نظر، فإن حيي بن عبد الله لم يخرج له مسلم. كما يفهم من ترجمته في "التهذيب" (١).

ولبعض جمل هذا الحديث شواهد صحيحة، فقد روي البخاري (٦٣٤٧)، ومسلم (٢٧٠٧) من طريق سفيان حدثني سُمَيٌّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهد البلاء. قال سفيان: الحديث ثلاث، زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي. وقد رجح الحافظ أنها: "شماتة الأعداء" (٢)، وروي البخاري الحديث في "القدر" (٦٦١٦) بلفظ: "تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء … " الحديث.

* الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (من غلبة اللين) بفتح الغين المعجمة واللام، والدين: بفتح الدال هو القرض وكل ما لزمك لغيرك من المال كثمن مبيع ونحوه. وغلبة الدين: ثقله وشدته بحيث يعجز الإنسان عن قضائه.

قوله: (وغلبة العدو) أي: انتصاره عليَّ وقهره إياي وتحكمه فيَّ، والعدو: ضد الولي، وهو يقال للواحد والاثنين والجمع، ويقال للأنثي: عدوة، وقد يجمع على عِدًى وأعداء (٣).

قوله: (وشماتة الأعداء) الشماتة: بالفتح الفرح على ما ينزل بالمعادي ويصيبه من المصائب، والمعنى: أعوذ بك أن يفرحَ عليَّ عدوي ويسَرَّ بسبب نكبة في بدني أو أهلي أو مالي.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب الاستعاذة من الأمور المذكورة لشدة وقعها على الإنسان وعظيم أثرها؛ لأن الدين إذا كثر وعجز المدين عن القضاء وقع في الهم والغم والتعب والقلق في بدنه وقلبه وفكره،


(١) "تهذيب الكمال" (٧/ ٤٨٨).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١١/ ١٤٨)، "الفتوحات الربانية" (٧/ ١٩٩).
(٣) انظر: "الصحاح" (٦/ ١٩٢٤)، "المفردات في غريب القرآن" ص (٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>