للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا من الأذكار الموجزة الجامعة التي ينبغي للإنسان حفظها، فإنّ فيه الإيمان بقدرة الله تعالى على تعاقب الليل والنهار بتعاقب الإصباح والإمساء، وهما آيتان من آيات الله العظيمة، ولا غنى للإنسان عنهما، ولا ينفصل أحدهما عن الآخر، فالليل بما فيه من الظلام جعله الله سكنًا وقرارًا، والنهار بما فيه من الضياء جعله الله نشاطًا وعملًا، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (٤٧)} [الفرقان: ٤٧].

وفي هذا الذكر استحضار نعمة الحياة بعد النوم الذي هو أخو الموت، لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن، وذلك قد يكون ظاهرًا وهو النوم، وباطنًا وهو الموت، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده، ثم يقول: "اللهم باسمك أموت وأحيا"، وإذا استيقظ قال: "الحمد لله الذي أحيانًا بعد ما أماتنا وإليه النشور" (١) وأرشد من أوى إلي فراشه أن يقول: "باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين" (٢).

وفي هذا الذكر -أيضًا- الإيمان بالبعث يوم القيامة والإحياء بعد الإماتة. وهذا من قوله: "وإليه المصير" في ورد المساء، وقد جاء التنبيه على هذا المعنى في آيات كثيرة، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَينَا الْمَصِيرُ (٤٣)} [ق: ٤٣]، وقال تعالى: {لَا حُجَّةَ بَينَنَا وَبَينَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَينَنَا وَإِلَيهِ الْمَصِيرُ} [الشورى: ١٥] أي: مرجع العباد إليه يوم القيامة، لإطلاعهم ومحاسبتهم على أعمالهم ومجازاتهم عليها، والله تعالى أعلم.


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) رواه البخاري (٦٣٢٠)، ومسلم (٢٧١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>