للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهجه في تأخير ذكر من أخرج الحديث إلى تمام الحديث، فقدم هنا ذكر من أخرجه؛ ليحصل الختام بهذا الذكر العظيم، وقد بدأ كتابه بالبسملة والتحميد، وختمه بالتسبيح والتحميد والتعظيم، وقد قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في ختام رسالته: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} [النصر: ٣] فما أحسن الفاتحة والخاتمة، وهذا من لطائف العلماء في العلم والتعليم (١).

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (كلمتان) أي: جملتان؛ لأن الكلمة تطلق عند النحاة على الجملة من إطلاق اسم البعض على الكل، مثل كلمة الإخلاص: لا إله إلا الله، وهي مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة أنها وصفت، والخبر (سبحان الله) فهو في محل رفع، وقيل: (كلمتان) خبر مقدم، و (سبحان الله) مبتدأ مؤخر، والمراد لفظهما محكيًا وإلا فسبحان مصدر منصوب ملازم النصب، قالوا: والنكتة في تقديم الخبر تشويق السامع إلى المبتدأ، وكلما كثرت الصفات حسن التقديم؛ لأن هذا مما يزيد السامع شوقًا.

قوله: (حبيبتان إلى الرحمن) مثنى حبيبة، فعيلة بمعنى مفعولة؛ أي: محبوبة، والمراد: محبوب قائلهما، هكذا ذكر الشراح (٢)، والحق أنه لا داعي لصرف اللفظ عن ظاهره؛ لأن الحديث وصف الكلمتين بأنهما محبوبتان، وأما محبة قائلهما فيدخل ضمنًا إذا كان أهلًا لهذه الكرامة، والله تعالى إذا أحب العمل أحب من عمل به.

وخص الرحمن بالذكر دون غيره من الأسماء؛ لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى بعباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل.


(١) انظر: "التنقيح في حديث التسبيح" لابن ناصر الدين ص (١٧٣)، "فتح الباري" (١٣/ ٥٤٢)، "إتحاف الكرام" ص (٤٧٨).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١١/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>