للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكافي لطهارتك فاضلاً عن حاجتك الضرورية وكنت قادراً على استعماله فعليك أن تتطهر به.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن التيمم مطهر ورافع للحدث وليس مبيحاً لما تجب له الطهارة فقط؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم سماه وضوءاً فقال: (التيمم وضوء المسلم).

وهذا مذهب أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والصنعاني، وجماعة (١).

والقول الثاني: أن التيمم مبيح للصلاة ونحوها، لا رافع للحدث، وهذا مذهب الجمهور، ومنهم مالك، والشافعي، والمشهور من مذهب الإمام أحمد (٢).

واستدلوا بقوله: (فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)، ووجه الدلالة: أنه أمره إذا وجد الماء أن يمسه بشرته، وهذا يدل على أن التيمم لم يرفع حدثه، وإنما أباح له فعل ما شُرعت الطهارة له، ولو رفع الحدث لم يحتج إلى الماء إذا وجده.

والقول الأول أظهر، وهو أن التيمم يرفع الحدث رفعاً مؤقتاً إلى أن يجد الماء أو يستطيع استعماله، ويؤيد ذلك ما يلي:

١ - قوله تعالى بعد ذكر التيمم: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦]، فأخبر الله تعالى أنه يريد أن يطهرنا بالتراب كما يطهرنا بالماء، وَوَصَفَ النبي صلّى الله عليه وسلّم التيمُّمَ بأنه طهور.

٢ - أن التيمم بدل عن طهارة الماء، والقاعدة الشرعية أن البدل له حكم المبدل، فإذا كانت طهارة الماء ترفع الحدث، فكذلك التيمم يرفع الحدث.


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ٥٥)، "المغني" (١/ ٣٢٩)، "الفتاوى" (٢١/ ٤٣٦)، "زاد المعاد" (١/ ٢٠٠)، "سبل السلام" (١/ ١٨٤).
(٢) "المنتقى" (١/ ١٠٩)، "المجموع" (٢/ ٢٢١)، "المغني" (١/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>