للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والحكمة من هذا الحيض أن الله تعالى جعل في الأنثى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه، ينفذ إلى جسمه من طريق السُّرة، فإذا وضعت المرأة حملها تحول بقدرة الله تعالى لبناً يتغذى به الولد، ولذا قل أن تحيض الحامل، وقل أن تحيض المرضع، فإذا خلت المرأة من حمل أو رضاع بقيت هذه الإفرازات لا مصرف لها، فتستقر في مكان، ثم تخرج في أوقات معلومة.

وأصل ذلك أن الرحم بقدرة الباري يتكون فيه أغشية مَخْملية يتبطن بها الرحم، وهي مُعَدَّةٌ لاحتضان البويضة والحيوان المنوي، فإذا لم يتم التلقيح في الميعاد المحدد بحكمة الله تمزقت الأغشية وخرج إثْر ذلك دم الحيض، وبعد الطهر يبدأ الرحم في عمل غشاء جديد، وهكذا يكون في كل دورة بقدرة الله (١).

ومما يجب على المرأة معرفته أَنَّ تَدَفُّقَ دم الحيض مع ما فيه من إزعاج لها هو العلامة الصحيحة لصلاح الرحم ودورته وأنه صالح لأن يكون وعاءً سليماً للإنجاب والذرية.

واعلم أن باب الحيض من أصعب أبواب الفقه وأكثرها غموضاً، لا من جهة الأحكام المترتبة عليه، فكثير منها اتفاقي واضح، وإنما ذلك لأن المرأة ينزل منها دماء غير دم الحيض، فيشتبه الأمر عليها وعلى المفتي، ولأن الحيض قد يتقدم وقد يتأخر، وقد يزيد وقد ينقص، مع ما ظهر في هذا العصر من أسباب، وأهمها استعمال وسائل منع الحمل ومنع الحيض، وغير ذلك مما صار له أثر كبير على اضطراب الدورة وكثرة الإشكالات عند النساء مما يحير المفتي. والله المستعان.


(١) انظر: "خلق الإنسان بين الطب والقرآن" ص (٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>