للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا الأثر يؤيد حديث الباب ويدل على أن المستحاضة التي ليس لها عادة ترجع إليها أنها ترجع إلى التمييز.

أما إن كان لها عادة تعرفها، ثم طرأت عليها الاستحاضة فهذه فيها قولان:

الأول: أنها ترجع إلى عادتها ولا تنظر إلى التمييز، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو قول الحنفية، ووجه في مذهب الشافعية (١)، لما ثبت من قوله صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة: «فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي»، ولم يستفصل الرسول صلّى الله عليه وسلّم هل هي مميزة أو لا؟.

القول الثاني: أنها تعمل بالتمييز وتقدمه على العادة، واستدلوا بهذا الحديث، قالوا: ولأن عادتها قد تتغير فتكون في آخر الشهر بدلاً من أول الشهر، وهذا هو المشهور من مذهب المالكية والشافعية على بعض التفاصيل عندهم والتي موضعها كتب الفقه، وهو رواية عن الإمام أحمد (٢).

والقول بالرجوع إلى العادة أرجح؛ لأنه هو الثابت في الصحيحين، ولأنه أسهل على المرأة وأبعد لها عن الاضطراب.

فإن كان لا تمييز لها ولا عادة عملت بعادة غالب النساء ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، ووجه في مذهب الشافعية، لحديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها، كما سيأتي إن شاء الله.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من الفروق بين دم الحيض ودم الاستحاضة: اللون وأن دم الحيض أسود، ودم الاستحاضة أحمر يميل إلى الصفرة، وقد ورد ذلك - أيضاً - في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: اعتكفتْ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم امرأة مستحاضة من أزواجه، فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي (٣)، قال ابن رجب: (وفي حديث


(١) "كشاف القناع" (١/ ٢٠٨)، "نهاية المحتاج" (١/ ٣٤٥)، "بدائع الصنائع" (١/ ٤١).
(٢) "الشرح الصغير" (١/ ٢١٣)، "روضة الطالبين" (١/ ١٥٠)، "الإنصاف" (١/ ٣٦٦).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>