للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الثاني: فقد أخرجه البخاري في كتاب «الحيض» باب «مباشرة الحائض» (٣٠٠) ومسلم (٢٩٣) من طريق منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، وهذا لفظ البخاري.

ولفظ مسلم: قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضاً أمرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فتأتزر ثم يباشرها.

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قولها: (فأتزر) أي: ألبس الوزرة - بكسر الواو - وهي كساء صغير، والجمع وِزْرات على لفظ المفرد، وأصله: أأتزر، بهمزتين أولاهما مفتوحة والثانية ساكنة، بوزن (أفتعل) ثم حصل الإدغام فصار: أتّزر بألف وتاء مشددة، وقد نص أكثر النحاة كابن هشام (١) وغيره على أن ذلك خطأ، والقياس: فآتزر بإبدال الهمزة الثانية ألفاً من جنس حركة الأولى على القاعدة عند الصرفيين، والصحيح أنه مقصور على السماع.

قوله: (فيباشرني) يقال: باشر الرجل امرأته: لامس بشرتها بإلصاق بشرته ببشرتها، وقد ترد بمعنى الجماع، ولكن هذا غير مراد هنا، وإنما المراد هنا الأول بالإجماع.

الوجه الثالث: حديث أنس رضي الله عنه دليل على تحريم جماع الحائض، ولقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢]، والمراد بالمحيض: زمان الحيض، ومكانه وهو الفرج، والمراد بالقرب: الكناية عن الجماع؛ لا النهي عن القرب مطلقاً، والدليل على ذلك حديث أنس هذا.

وقد أجمع المسلمون على تحريم وطء الحائض في فرجها، وقد نقل الإجماع ابن المنذر (٢)، وابن حزم (٣)، وابن قدامة (٤)، والنووي (٥)، كما نقله


(١) "أوضح المسالك" (٤/ ٣٩٨).
(٢) "الأوسط" (٢/ ٢٠٨).
(٣) "مراتب الإجماع" ص (٢٨).
(٤) "المغني" (١/ ٤١٤).
(٥) "المجموع" (٢/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>