للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قولها: (نفست) بفتح النون في الحيض، وبضمها في النفاس، وهذا قول الأكثر، وحكى أبو حاتم عن الأصمعي قال: (يقال: نُفست المرأة في الحيض والولادة بضم النون فيهما)، قال الحافظ: (وقد ثبت في روايتنا بالوجهين فتح النون وضمها) (١).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الحائض تفعل ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، والمبيت بمنى، والسعي بين الصفا والمروة، إن كانت قد طافت قبل الحيض، وذلك لأن هذه المناسك لا تشترط لها الطهارة.

الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم الطواف على الحائض، وأنه لا يصح منها، وكذا لو حدث الحيض أثناء الطواف فإنه يبطل، وهذا مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة في المشهور، والظاهرية (٢)، لقوله: «فافعلي ما يفعل الحاج غير ألاَّ تطوفي بالبيت حتى تطهري»، وفي رواية لمسلم: «حتى تغتسلي»، فهذا نص صريح ونفي واضح في منع الحائض من الطواف وعدم صحته منها؛ لأن النهي في الأصل يقتضي الفساد.

قال ابن عبد البر: (الحائض لا تطوف بالبيت، وهذا أمر مجتمع عليه، لا أعلم فيه خلافاً) (٣)، وكذا نقل الإجماع ابن حزم (٤)، وابن رشد (٥)، والنووي (٦)، وابن تيمية (٧)، وغيرهم.

لكن إن كانت الحائض لا تتمكن من البقاء في مكة حتى تطهر وتطوف؛ إما خوفاً على نفسها أو مالها أو لكون رفقتها أو محرمها لا يوافقونها على البقاء وهي من بلاد بعيدة يتعذر عليها الرجوع مرة أخرى، فإن شيخ الإسلام


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٠٣).
(٢) "المنتقى" للباجي (٢/ ٢٩٠)، "المجموع" (٨/ ١٧)، "الإنصاف" (٤/ ١٦).
(٣) "التمهيد" (١٧/ ٢٦٥).
(٤) "المحلى" (٧/ ١٧٩).
(٥) "بداية المجتهد" (١/ ١٤٨).
(٦) "المجموع" (٢/ ٣٨٦).
(٧) "الفتاوى" (٢٦/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>