للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يختلف تعريف الأطباء للنفاس كثيراً عن تعريف الفقهاء غير أن الأطباء يركزون في تعريفهم على حالة الرحم وعودتها إلى حالها الطبيعية، وهذا يحتاج مدة تتراوح بين ستة وثمانية أسابيع (١)، وعلى هذا فالنفاس عندهم هو الدم النازل بعد فراغ الرحم من الولد نتيجة تمزق جدار الرحم الوظيفي.

قولها: (تقعد) أي: تمكث بعد ولادتها من غير صلاة ولا صيام أربعين يوماً، وظاهره أنه تحديد نهاية؛ لأنه كثر اتفاق النساء في ذلك، كالحيض.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن أكثر مدة النفاس أربعون يوماً، وهو مذهب الحنفية والمشهور من مذهب الحنابلة، وهو الراجح إن شاء الله، وما ورد في هذا الباب وهو حديث أم سلمة وإن ضُعّفَ بما تقدم فقد حسنه آخرون، كما تقدم، ويقويه ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (النفساء تنتظر نحواً من أربعين يوماً) (٢).

قال ابن عبد البر: (وليس في مسألة أكثر النفاس موضع للاتباع والتقليد إلا من قال: بالأربعين، فإنهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا مخالف لهم منهم (٣)، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على غيرهم، والنفس تسكن إليهم، فأين المهرب عنهم دون سنة ولا أصل؟ وبالله التوفيق) (٤).

وقال الشوكاني: (والأدلة الدالة على أن أكثر النفاس أربعون يوماً متعاضدة بالغة إلى حد الصلاحية والاعتبار) (٥) وبمعناه قال النووي، وردّ على من ضعف الحديث.


(١) "خلق الإنسان" ص (٤٥٥).
(٢) أخرجه الدارمي (١/ ١٨٥)، وابن الجارود (١١٩)، والبيهقي (١/ ٣٤١) من طريق أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وإسناده صحيح، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس.
(٣) انظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ٢٤٨).
(٤) "الاستذكار" (٣/ ٢٥٠).
(٥) "نيل الأوطار" (١/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>