للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والغلس: بفتحتين: اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل مع غلبة الظلمة.

قوله: (انشق الفجر) أي: طلع، قال في «النهاية»: شق الفجر وانشق: إذا طلع، كأنه شق موضع طلوعه.

الوجه الرابع: الحديث دليل على استحباب تعجيل صلاة العصر في أول وقتها؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلونها مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم يرجع الرجل إلى منزله في أقصى المدينة، والشمس لم تزل تحتفظ بضوئها وحرارتها، وقد ورد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة، قال الزهري: وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه (١).

وعنه قال: كنا نصلي العصر - أي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم - ثم يذهب الذاهب منا إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة (٢).

الوجه الخامس: الحديث دليل على مشروعية التأخير في صلاة العشاء عن أول وقتها، لكن هذا مقيد بما دل عليه حديث جابر رضي الله عنه وهو أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يراعي الجماعة، فإن رآهم اجتمعوا عجل لئلا يشق عليهم الانتظار، وإذا رآهم أبطؤوا أخر؛ لأن تأخيرها أحب إليه، وهذا يدل على حسن رعاية النبي صلّى الله عليه وسلّم لأمته واجتنابه ما يشق عليهم.

فعلى الإمام أن يتحرى ما تحراه النبي صلّى الله عليه وسلّم، ففي العشاء إن رآهم حضروا عجل الصلاة، وإن رآهم تأخروا أخر الصلاة، أما بقية الصلوات فينبغي أن يكون لها وقت محدد واضح يعرفه الناس حتى يحضروا، تأسياً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، فالمغرب يبادر بها ولا ينتظر إلا بمقدار الوضوء، والعصر يصليها في أول وقتها، وهكذا الظهر والفجر يصليهما في أول وقتهما، ويعطي الناس فرصة الحضور والاجتماع.

الوجه السادس: الحديث دليل على كراهة النوم قبل صلاة العشاء لأنه


(١) أخرجه البخاري (٥٥٠)، ومسلم (٦٢١).
(٢) أخرجه البخاري (٥٥١)، ومسلم (١٩٣) (٦٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>