للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: الرد على من ظن أن من أدرك السجدة الأولى من الركعة فقد أدرك الوقت؛ لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضاً، والله أعلم.

وهذا التفسير إن كان من كلامه صلّى الله عليه وسلّم فلا إشكال، وإن كان من كلام الراوي فهو أعرف بما روى، والأحاديث الأخرى تدل على ذلك.

الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

قوله: (من أدرك من العصر سجدة) أي: ركعة، كما جاء مفسراً فالسجدة تطلق ويراد بها الركعة بركوعها وسجودها، والركعة إنما يكون تمامها بسجودها، فسميت على هذا المعنى سجدة، قاله الخطابي (١).

وقد ورد في نصوص الشرع هذا الإطلاق، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (صليت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم سجدتين قبل الظهر … الحديث)، وقال: (حدثتني حفصة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي سجدتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر) (٢).

الوجه الثالث: في الحديثين دليل على أن صلاة الصبح تدرك بإدراك ركعة من وقتها قبل أن تطلع الشمس، وأن العصر تدرك بإدراك ركعة من وقتها قبل أن تغرب الشمس، وتكون الصلاة أداء، وهذا من فضل الله تعالى، ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» (٣).

فهذا نص عام في جميع صور إدراك ركعة من الصلاة، سواء أكان إدراك جماعة أم إدراك وقت (٤).

وعنه - أيضاً - رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من


(١) "أعلام الحديث" (١/ ٤٣٨).
(٢) أخرجهما البخاري (١١٧٢، ١١٧٣)، ومسلم (٧٢٩) (٧٢٣) إلا أن لفظ مسلم في الثاني (ركعتين).
(٣) أخرجه البخاري (٥٨٠)، ومسلم (٦٠٧).
(٤) "الفتاوى" (٢٣/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>