للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو حاتم، وهذا الموقوف له حكم الرفع، كما ذكر البيهقي، وقال ابن القيم: (هذا حديث حسن، وهذا الموقوف في حكم المرفوع؛ لأن قول الصحابي: أُحل لنا كذا، وحُرِّم علينا، ينصرف إلى إحلال النبي صلّى الله عليه وسلّم وتحريمه) (١).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (الجراد) بفتح الجيم، معروف، والواحدة جرادة، الذكر والأنثى سواء، كالحمامة، قالوا: مشتق من الجرد؛ لأنه لا ينزل على شيء إلا جرده.

قوله: (والحوت) هو السمك، وقيل: ما عَظُمَ منه، قال تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ} [الصافات: ١٤٢] والجمع حيتان.

الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم الميتة، واستثني منها الجراد والسمك، فكل منهما حلال، وقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، وقال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦]، قال ابن عباس: (صيده: ما صيد فيه، وطعامه: ما قَذَفَ) (٢)، فميتة البحر حلال مطلقاً، سواء مات بنفسه وطفا على وجه الماء بأن صار بطنه من فوق، أم مات بسبب ظاهر كضغطة أو صدمة حجر أو انحسار ماء أو ضرب من صياد أو غيره؛ لعموم الأدلة، وتخصيص النص العام لا بد له من دليل من كتاب أو سنة يدل على التخصيص.

وقد ورد في حديث جابر رضي الله عنه قال: (غزونا جيش الخَبَطِ وأميرنا أبو عبيدة، فجعنا جوعاً شديداً، فألقى البحر حوتاً ميتاً لم نر مثله، يقال له: العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظماً من عظامه فمرَّ الراكب تحته، قال: فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «كلوا، رزقاً أخرجه الله عزّ وجل لكم، أطعمونا إن كان معكم»، فأتاه بعضهم بشيء فأكله) (٣).

ففي هذا الحديث دليل على إباحة ميتة البحر، وطلب النبي صلّى الله عليه وسلّم من لحمه


(١) "زاد المعاد" (٣/ ٣٩٢).
(٢) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (١١/ ٦١).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٦٢)، ومسلم (١٩٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>