للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حسن الصوت، فأرسل إلينا، فأذنا كلنا رجلاً رجلاً، فكنت اخرهم، فقال حين أذنت: تعال، فأجلسني بين يديه فمسح على ناصيتي، وبارك عليَّ ثلاث مرات، ثم قال: «اذهب فَأَذِّنْ عند البيت»، قلت: كيف يا رسول الله؟ قال: فعلمني الأذان .. الحديث، وهو حديث صحيح بطرقه.

الوجه الثاني: الحديث دليل على استحباب كون المؤذن حسن الصوت؛ لأن ذلك أبلغ في دعوة الناس إلى الصلاة، وأدعى للخشوع والإقبال على سماع الأذان وإجابة المؤذن، بخلاف الصوت الذي ليس بذلك، فإنه قد ينفِّر من سماع الأذان والإصغاء إليه.

وعلى ذلك فينبغي للمسؤولين عن وظيفة الأذان أن يختاروا من هو أندى صوتاً وأحسن صوتاً متى تيسر ذلك.

ومن حسن الصوت قوة الصوت وحسن الأداء، وليس من ذلك الإفراط في المد، كما عليه بعض المؤذنين، فإن أقصى المد ست حركات، وما زاد عليها فهو تمطيط خارج عن حدود الشرع ولسان العرب (١).

وليس من حسن الصوت - أيضاً - التلحين والتطريب، وهو التغني بالأذان وإيقاعه على نغم الألحان، فهذا محرم بالإجماع.

قال ابن الجوزي: (كره مالك بن أنس وغيره من العلماء التلحين في الأذان كراهية شديدة؛ لأنه يخرجه عن موضع التعظيم إلى مشابهة الغناء) (٢).

وقال الشيخ علي محفوظ: (من البدع المكروهة تحريماً: التلحين في الأذان وهو التطريب، أي: التغني به، بحيث يؤدي إلى تغير كلمات الأذان وكيفياتها بالحركات والسكنات ونقص بعض حروفها أو زيادة فيها، محافظة على توقيع الألحان، فهذا لا يحل إجماعاً في الأذان، كما لا يحل في قراءة القران) (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "فتاوى ابن إبراهيم" (١/ ١٢٥)، "تصحيح الدعاء" ص (٣٧٧).
(٢) "تلبيس إبليس" ص (١٣٧).
(٣) "الإبداع" ص (١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>