للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المزدلفة فتوضأ فأسبغ، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى، ولم يصل بينهما) لكن لا يقدم سكوته عن الأذان على حديث جابر رضي الله عنه الذي أثبته سماعاً صريحاً، بل لو نفاه جملة لقدم عليه حديث من أثبته، لتضمنه زيادة علم خفيت على النافي.

وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما كما تقدم (لم يناد في واحدة منهما)، وهذه تعارض حديث جابر رضي الله عنه الذي أثبت الأذان، ولا شك أن رواية أبي داود لا تقوى على معارضة حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه عند البخاري - كما سيأتي ـ، غير أن حديث ابن مسعود أثبت أذانين، وحديث جابر أثبت أذاناً واحداً، لكن الأذان الثاني للعشاء في حديث ابن مسعود ورد بالشك، فلا يعارض اليقين الذي عند مسلم.

فقد ورد عن عبد الرحمن بن يزيد قال: حج عبد الله رضي الله عنه فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر رجلاً فأذن وأقام ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر - أُرى رجلاً - فأذن وأقام، ثم صلى العشاء ركعتين .. الحديث (١).

والمحفوظ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه لم يصلِّ بينهما شيئاً، ولم يتعشَّ بينهما، بل صلاهما جميعاً، كما قال جابر وأسامة رضي الله عنهما، ولعل ابن مسعود رضي الله عنه اجتهد في ذلك، ثم إنه لم يصرح بأن الأذان من فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم فيكون موقوفاً عليه، والموقوف إذا خالف المرفوع فالحجة في المرفوع، وهو حديث جابر رضي الله عنه فإنه صريح في أنه أذن لهما أذاناً واحداً، فهو المعتمد في هذا الباب، لأمور ثلاثة:

١ - أن جابر رضي الله عنه له مزيد عناية بنقل حجة النبي صلّى الله عليه وسلّم.

٢ - أن الأحاديث سواه مضطربة، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه من فعله، إضافة إلى الشك في الأذان الثاني.


(١) أخرجه البخاري (١٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>